هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التوكل على الله(1)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
AhZaN_qUeEn
مشرف
مشرف
AhZaN_qUeEn


عدد الرسائل : 138
العمر : 36
الموقع : شموع الحب
المزاج : hOzOn
السٌّمعَة : 3
نقاط : 28605
تاريخ التسجيل : 16/05/2009

التوكل على الله(1) Empty
مُساهمةموضوع: التوكل على الله(1)   التوكل على الله(1) I_icon_minitimeالأربعاء مايو 20, 2009 11:33 pm

[التوكل على الله

تعريف التوكل في اللغة والاصطلاح:

التوكل من مادة (وكل) يقال: وكل بالله وتوكل عليه واتكل : استسلم له.

وفي الاصطلاح (أي الشرع) اختلفت عبارات السلف في تعريف التوكل على الله تبعاً لتفسيره تارة بأسبابه و دواعيه وتارة بدرجاته وتارة بلازمه وتارة بثمارته وغير ذلك من متعلقاته. وسبب هذا الاختلاف أن التوكل من أحوال القلوب وأعمالها وهي صعبة أن تحد بحد أو تحصر بلفظ.

قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك.

قال الحسن: إن من توكل العبد أن يكون الله هو ثقته—

الإمام أحمد: هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق ، وقال: وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به –

عبدالله بن داود الخريبي: أرى التوكل حسن الظن بالله -- شقيق بن إبراهيم: التوكل طمأنينة القلب بموعود الله عز وجل –

الحسن: الرضا عن الله عز وجل -- علي بن أحمد البوشنجي: التبرئة من حولك وقوتك وحول مثلك وقوة مثلك –

ابن الجوزي عن بعضهم: هو تفويض الأمر إلى الله ثقةً بحسن تدبيره –

ابن رجب الحنبلي: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها –

-وقيل: هو حالٌ للقلب ينشأ عن معرفته بالله والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع ، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فيوجب له اعتماداً عليه وتفويضاً إليه وطمأنينةً به وثقةً به ويقيناً بكفايته لما توكل عليه فيه.

عبد القادر الجيلاني: التوكل هو الخروج من الحول والقوة مع السكون إلى رب الأرباب.

عبد القادر الجيلاني: تفويض الأمور إلى الله عز وجل والتنقي من ظلمات الأختيار والتدبير إلى ساحات شهود الأحكام والتقدير فيقطع العبد ألاّ تبديل للقسمة فما قُسم له لا يفوته وما لم يُقدّر له لا يناله فيسكن قلبه إلى ذلك ويطمئن إلى وعد مولاه

وقيل: التوكل هو انطراح القلب بين يدي الرب وهو ترك الاختيار والاسترسال مع مجاري الأقدار

وقيل: هو الرضا بالمقدور

أبو سعيد الخراز: التوكل اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب

أبو تراب النخشبي: هو طرح البدن في العبودية وتعلق القلب بالربوبية والطمأنينة إلى الكفاية فإن أُعطي شكر وإن مُنع صبر

وقيل: التوكل أن يستوي عندك الإكثار والإقلال

أبن عطاء: التوكل ألاّ تظهر في انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقتك إليها ، ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفك عليها

وقيل: التوكل يجمع بين العمل والأمل مع هدوء قلب وطمأنينة نفس ، واعتقاد جازم أن ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن.

القرطبي: تفويض الأمور بالكلية إلى الله تعالى والاعتماد في كل الأحوال على الله تعالى -- وقيل: عبارة عن الاعتصام بالله في جميع الأمور ومحله القلب والحركة بالظاهر لا تنافي توكل القلب بعد ما تحقق للعبد أن التقدير من قبل الله فإن تعسر شىء فبتقديره

الغزالي:الاكتفاء بالأسباب الخفية عن الأسباب الظاهرة مع سكون النفس إلى مسبب السبب لا إلى السبب

أبو سليمان الداراني: إذا بلغ (يعني العبد) غاية من الزهد أخرجه ذلك إلى التوكل.

درجات التوكل( من كلام ابن القيم في مدارج السالكين):

1 - الأولى: معرفة الرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته واليقين بكفاية وكيله وأنَّ غيره لايقوم مقامه في ذلك.

2 - الثانية : إثبات الأسباب ورعايتها والأخذ بها.

3 - الثالثة: رسوخ القلب في مقام التوحيد.

4 - الرابعة: اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا سكون إليها ، وطمأنينته بالله والثقة بتدبيره.

5 - الخامسة: حسن الظن بالله عز وجل.

6 - السادسة : استسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته.

7 - السابعة : التفويض: هو إلقاء العبدِ أمورَه كلها إلى الله ، وإنزالها به طلباً واختياراً ، لا كرهاً واضطراراً. والتفويض هو روح التوكل ولبّه وحقيقته.

8 - الثامنة: الرضا

ويمكن اعتبار درجاتٍ للتوكل كما يلي :

1- الأولى : أن يكون المتوكل حاله في حق الله سبحانه والثقة بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل( هذا توكل العامة)

2- الثانية: حال المتوكل مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه فإنه لا يعرف غيرها ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد إلا إياها والفرق بين هذه الدرجة والأولى أن هذا متوكل وقد فني في توكله عن توكله إذ ليس يلتفت قلبه إلى التوكل وحقيقته ، بل إلى المتوكَل عليه فقط وهي أقوى من الأولى

3- الثالثة: أعلاها ، وتكون باستسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته ، ويكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل لا يفارقه (وهو توكل الخاصة).

أقسام التوكل(مجاله ومتعلقاته)(مراتبه):

1 - توكلٌ العبد على الله في استقامة نفسه وإصلاحها دون النظر إلى غيره.

2 - توكلٌ العبد على الله في استقامة نفسه وكذلك في إقامة دين الله في الأرض ونصره وإزالة الضلال عن عبيده وهدايتهم والسعي في مصالحهم ودفع فساد المفسدين ورفعه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

3 - توكلٌ على الله في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية كالرزق والزواج والذرية والعافية والانتصار على العدو الظالم أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية.

وبين القسم الثاني والثالث من الفضل ما لا يحصيه إلا الله فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الثالث تمام الكفاية ومتى توكل عليه في النوع الثالث دون الثاني كفاه أيضاً لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما يحبه و يرضاه.

4 - توكلٌ على الله في جلب محرم من إثم أو فاحشة أو دفع مأمور به.

أهمية التوكل و منزلته من العقيدة والإيمان والسلوك:

التوكل على الله خلق عظيم من أخلاق الإسلام وهو من أعلى مقامات اليقين وأشرف أحوال المقربين وهو نظام التوحيد وجماع الأمر كما أنه نصف الدين والإنابة نصفه الثاني ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها وهو مفتاح كل خير لأنه أعلى مقامات التوحيد وعبادة من أفضل العبادات .

وهو فريضة يجب إخلاصه لله تعالى وعقيدة إسلامية لقوله تعالى(وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) فإن تقديم المعمول يفيد الحصر : أي وعلى الله فتوكلوا لا على غيره .

إن التوكل شرط من شروط الإيمان ولازم من لوازمه ومقتضياته ؛ فكلما قوي إيمان العبد كان توكله أكبر وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل قال الله عز وجل( وعلى الله فليتوكل المؤمنون) . وفي الآية الأخرى ( وقال موسى إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) يونس:84 فجعل دليل صحة الإسلام التوكل . وهو من أشرف الرتب وأعلى المقامات من أعمال القلوب التي هي أصل الإيمان الذي هو أجل وأعظم ما تعبد الله تعالى به.

والتوكل من أجمع أنواع العبادة وأعظمها لما ينشأ عنه من الأعمال الصالحة. والتوكل مقترن بمراتب الدين الثلاث (الإيمان والإسلام والإحسان) وشعائره العظام. والتوكل مقام جليل القدر عظيم الأثر جعله الله سبباً لنيل محبته قال تعالى (إن الله يحب المتوكلين) . وجمع الله بينه وبين الهداية والحق والدعاء.

التوكل أصل من أصول العبادة التي لا يتم توحيد العبد إلا به جاء الأمر به في كثير من الآيات مثل قوله تعالى (فاعبده وتوكل عليه ) وقوله عز وجل(وتوكل على الحي الذي لا يموت ) ، وهو من سمات المؤمنين الصادقين قال تعالى( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءآيته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون) . وفي حديث ( أربع لا يعطيهن الله إلا من أحب: الصمت وهو أول العبادة والتوكل على الله والتواضع والزهد في الدنيا) رواه الطبراني وهو في اتحاف السادة.وقال علي:يا أيها الناس توكلوا على الله وثقوا به فإنه يكفي مما سواه .

فائدة:عندما نتأمل مقالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه نجد أنه يربط التوكل بالثقة واليقين بالله ، وإلا فلا توكل ما لم يكن معه اليقين .

واليقين هو أن العبد يعمل لله خالصاً ولا يطلب به عرض الدنيا و لا رضا المخلوقين وأن يكون في نفس الوقت آمناً بوعد الله وهو الرزق . وقيل لبعض الحكماء : ما الفرق بين اليقين والتوكل؟ قال: أما اليقين فهو أن تصدق الله بجميع أسباب الآخرة ، والتوكل أن تصدق الله بجميع أسباب الدنيا .

وقال لقمان لابنه: يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه أناس كثير ، فإن استطعت أن تكون سفينتك فيها الإيمان بالله وحشوها العمل بطاعة الله عز وجل وشراعها التوكل على الله ، لعلك تبحر. وعن سعيد بن المسيب قال: التقى عبدالله بن سلام وسلمان فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلي فالقني فأخبرني ما لقيت من ربك وإن مت لقيتك فأخبرتك ، فقال أحدهما للآخر أو تلقى الأموات الأحياء قال :نعم أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت ، قال: فمات فلان فلقيه في المنام ، فقال: توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط وأبشر فلم أرَ مثل التوكل قط. أخرجه ابن منده وأورده ابن رجب في أهوال القبور والسيوطي في شرح الصدور.

ومما يدل على أهميته أن الله أمر به نبيه صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله، وجعله شعاراً لعباده المؤمنين والثناء عليهم.

ومن فضل التوكل في القرآن أن الله أمر فيه رسوله بالتوكل في تسع آيات وكذلك أمر المؤمنين عامة بالتوكل وكذلك التوكل خلق الرسل جميعاً وكذلك تبيين القرآن لفضل التوكل. وكذلك ورد فضل التوكل في السنة.عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولSad اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون) رواه البخاري ومسلم وأحمد. وعن الأوزاعي قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلمSad اللهم إني أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال وصدق التوكل عليك وحسن الظن بك) قال شعيب الارنؤوط: ضعيف أخرجه أبو نعيم في الحلية عن الأوزاعي مرسلاً والحكيم الترمذي عن أبي هريرة. وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه Sadاللهم اجعلني ممن توكل عليك فكفيته واستهداك فهديته واستغفرك فغفرته) مروي في كنز العمال ومسانيد الجامع الكبير.

وصفة التوكل من أبرز صفات المؤمنين الجليلة لأن اعتماد القلب على الاسباب الظاهرة واعتقاد أنها هي المؤثرة يخل بصحة الإيمان وسلامته بل هو في حقيقته شرك بالله تعالى .

والتوكل على الله تعالى سلوك نفسي وقلبي يقتضيه الإيمان الصحيح الماثل في ساحة التصور الموجه للسلوك. و مما يدل على أهمية التوكل حاجة المسلم إليه حاجة شديدة وخصوصاً في قضية الرزق أو كان صاحب دعوة وحامل رسالة وطالب إصلاح ، و مما يدل على أهميته أيضاً ضرورته للعبد وعدم استغنائه عنه طرفة عين من عدة جهات:

1- من جهة فقر العبد وعدم ملكه شيئاً لنفسه فضلاً عن غيره من المخلوقين

2- من جهة كون الأمر كله بيد الله تعالى

3- من جهة أن تعلق العبد الزائد بما سوى الله مضرة عليه

4- من جهة أن اعتماد العبد على المخلوق وتوكله عليه يوجب له الضرر من جهته عكس ما أمًَله منه.

من أقوال السلف في بيان أهمية التوكل وارتباطه بالايمان :

ابن القيم: إن التوكل يجمع أصلين: علم القلب وعمله ، أما عِلمه: فيقينه بكفاية وكيله وكمال قيامه بما وكله إليه ، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك.

وأما عَمله: فسكونه إلى وكيله وطمأنينته إليه وتفويضه وتسليمه أمره إليه ورضاه بتصرفه له فوق رضاه بتصرفه هو لنفسه. والتوكل من أقوال القلب وأفعاله التي كل منها حسنة وسيئة بنفسها يحصل بها الثواب والعقاب بما يكون في القلوب ، وإن لم يظهر على الجوارح.

ولا يستقيم توكل العبد حتى يصلح له توحيده ، بل حقيقة التوكل توحيد القلب ، فما دامت فيه علائق الشرك فتوكله معلول مدخول.وكذلك لا يحصل تحقيق التوكل حتى يؤمن العبد بكمال ربوبية الله تعالى وما تتضمنه من كمال الملك والتدبير والسلطان والقدرة والتصرف والمشيئة والقيومية والإحاطة وملك الضر والنفع ، فذلك من أقوى أسباب ودواعي التوكل ولهذا نجد في كثير من الآيات ربط التوكل بالربوبية. وكذلك كل من كان بالله تعالى وصفاته أعلم كان توكله أكمل، والآيات التي بينت تعلق التوكل بأسماء الله وصفاته كثيرة.

ويستحيل أن يتم توكل العبد حتى يتم له أمران لهما صلة تامة بتوحيد الألوهية وهما : حسن الظن بالله عز وجل والتفويض.

والآيات التي ربطت العبادة والإنابة بالتوكل قد صورت العلاقة بين الإلهية والتوكل وهي كثيرة. فالتوكل على الله عبادة يجب إخلاصه لله فصرفه لغيره شرك ينافي التوحيد(وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) إن كنتم مؤمنين بالله ومصدقين به فلا تعتمدوا في جميع أموركم إلا عليه وحده .

إن الإقرار بالربوبية والألوهية هو أول دليل على أنه وحده سبحانه المستحق أن يُفرد بالتوكل (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) ،(إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) ،(و توكل على الحي الذي لا يموت) .

وقرن تعالى التوكل بالربوبية و الألوهية معاً ومن ذلك قول الحق(قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب) وقوله (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً) وقوله (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) ؛ فالألوهية مقتضية للتبتل إليه تعالى بالكلية وقطع التعلق بالمرة عما سواه من البرية.

والتوكل من أكثر مقامات الإيمان صلةً بأسماء الله وصفاته ولذلك عرف بعضهم التوكل بأنه: المعرفة بالله وصفاته. ومن الآيات (وتوكل على الحي الذي لا يموت ) ،(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) وربط التوكل بصفتي (العزيز) و(الحكيم) في قوله تعالى(و من يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم). كذلك الآيات التي يذكر فيها القضاء والقدر تذيل بالتوكل إذ يستحيل أن يحصل توكل حتى يعلم المسلم أن الأمور كلها تصدر عن مشيئة الله وقدرته ، وأنها تنتهي كلها إلى علمه ، فلا بد من الإيمان بقضاء الله وقدره ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وتحقيق التوكل مترتب على تحقيق الإيمان بالقدر قال تعالى( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شىء قدراً) وقال( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون) (و قال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون). إن َّالقضاء والقدر والتوكل من أساسيات الدين ، والقضاء والقدر سابق للتوكل ، والقدر أشمل وأعم من التوكل، والقضاء والقدر جالبان للراحة والطمأنينة والسعادة وسلوك الطريق المستقيم ، والتوكل داخل في الإرادة الشرعية والقضاء والقدر داخل في الإرادة الكونية ، والتوكل وإتخاذ الأسباب يدفعان القضاء والقدر .

واقترن لفظ العبادة بالتوكل في مواضع منها (إياك نعبد وإياك نستعين) و( فاعبده وتوكل عليه) والتوكل داخل في معنى العبادة. واقترن التوكل بالتقوى في مواضع منها (واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) ،( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) فسرّ اقتران التوكل بالتقوى هو سرّ اقتران الاستعانة بالعبادة.

وكذلك فإن التوكل سبب ولكنه ليس كافياً في حصول المراد ، بل يحتاج معه إلى التقوى.وكلاً منهما يعتمد امتثال المأمور واجتناب المحظور.

واقترن التوكل بالإنابة في مواضع ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) ،(قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب) ،(ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب) ،(ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) قال ابن عاشور:والإنابة الرجوع والمراد بها هنا الكناية عن ترك الاعتماد على الغير. وكلاهما يحتاج للآخر ويجب أن يفرد العبد ربه بكليهما.

واقترن الصبر بالتوكل على الله في مواضع منها (الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) فالصبر مبدأ السلوك إلى الله تعالى والتوكل هو آخر الطريق ومنتهاه. قال تعالى (ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) فالصبر والتوكل من أقوى الأسلحة في مواجهة الشدائد والصعاب في طريق الدعوة وتحمل أعبائها، وقيل الصبر خاص بوقت المصيبة والتوكل في أمر مستقبل، والصبر في حاجة للتوكل لإنه( أي الصبر) من العبادات، وكلاهما من أمهات الصفات التي يجب على المؤمن الإتصاف بها، وقيل الصبر في أمر مملوك يحتاج للتحمل و التوكل خاص بأمر غيبي كوني يحتاج للاعتماد على الله والثقة بتدبيره، والتوكل على الله هو نتيجة للصبر. والتوكل على الله في إقامة الدين ودعوة الناس إليه يحتاج إلى همة عالية ، فهو من أعظم مقامات التوكل وأرفعها كما هي همم الرسل والأنبياء وبعدهم الصحابة رضي الله عنهم . قال الله تعالى (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) . قال ابن عباس: " حسبنا الله ونعم الوكيل " قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال له الناس (إن الناس قد جمعوا لكم).

عوائق التوكل:

1 - الجهل بمقام الله من ربوبية وألوهية وأسماء وصفات 2- الغرور والاعجاب بالنفس 3- الركون للخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات 4- حب الدنيا والاغترار بها مما يحول بين العبد والتوكل لأنه عبادة لاتصح مع جعل العبد نفسه عبداً للدنيا.

قوادح التوكل:

من أهمها التفات القلب إلى الأسباب وتعلقه بغير الله تعالى.

وتلك الأسباب على ثلاث درجات:

1- التي ارتبطت المسببات بها بتقدير الله ومشيئته ارتباطاً مطرداً لا يتخلف كالطعام فتركها ضرب من الجنون

2- ليست متيقنة بل هي ظنية كالرقى والاكتواء ؛ فالتعلق بها مضعف للتوكل وكماله وقيل إن الرقية والكي يقدحان في التوكل فكرهوهما دون غيرهما وقيل أنهما لا يقدحان في كمال التوكل ولا ينافيانه وقول ثالث بأنه يفرق بين فعل الرقية بنفسه أو بغيره وبين طلبها وهو الراجح إن شاء الله, ونأتي لمسألة حكم التدواي فالأصل فيها الجواز وأنه لا يقدح في التوكل بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً ، وأن تعطيلها يقدح في نغس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة . وفيه أقوال ( أي التداوي ): مباح وتركه أفضل ومستحب وواجب ، وقيل ما غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه فهو واجب وما غلب على الظن نفعه و لاهلاك محقق بتركه فهو أفضل وما تساوى فيه الأمران فتركه أفضل ، وقد ادّعى قوم أن ترك التداوي والعلاج من التوكل، وعدوا فعل التداوي قادحاً في التوكل ورد أهل العلم زعمهم هذا.

3 - الموهومة : ليست معتبرة شرعاً و لا قدراً كالتطير( وهو التشاؤم بكل مرئي ومسموع ومعلوم) وتعليق التمائم والحروز فالالتفات لها خوفاً وطمعاً بالاستدلال على أمر غيبي ، مناف لتحقيق التوكل وكمال التوحيد .





يتبع..........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امير القلوب

avatar


عدد الرسائل : 124
العمر : 40
السٌّمعَة : 1
نقاط : 29947
تاريخ التسجيل : 31/07/2008

التوكل على الله(1) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التوكل على الله(1)   التوكل على الله(1) I_icon_minitimeالجمعة مايو 22, 2009 9:20 pm

مشكور على ابداعاتك واصل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التوكل على الله(1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الاسلامي :: ملتقى الفقه والشريعه-
انتقل الى: